بالمخافة للقانون الجديد رقم (3) لسنة 2023
INSIGHTS
قراءة في قانون مكافحة التستر على ممارسة غير القطريين للأنشطة التجارية والاقتصادية والمهنية بالمخافة للقانون الجديد رقم (3) لسنة 2023
Jun 25, 2023

كتابة: عمر قطيشات، مستشار أول
بتاريخ 11 أبريل 2023 نُشر بالجريدة الرسمية القانون رقم (3) لسنة 2023 بشأن مكافحة التستر على ممارسة غير القطريين للأنشطة التجارية والاقتصادية والمهنية بالمخافة للقانون (“قانون مكافحة التستر”) ليحل محل القانون القديم رقم (25) لسنة 2004 (“قانون مكافحة التستر السابق”). في هذه المقال سنتناول أبرز التعديلات التشريعية على قانون مكافحة التستر وسيتم تسليط الضوء على بعض المواد الواردة في القانون الجديد.
بدايةً نجد أن المشرع قد خصص في القانون الجديد تعريف لجريمة التستر والتي عرفها بتمكين غير القطري، سواء كان شخصاً طبيعياً أو معنوياً، من القيام بأي من المحظورات المنصوص عليها في القانون، وتحديداً المواد 2 و3 منه.
حيث نصت المادة 2 على حظر غير القطريين من ممارسة أو الاستثمار في نشاط تجاري أو اقتصادي أو مهني غير مرخص له بممارسته أو الاستثمار فيه. وقد أضاف القانون الجديد مخالفة حصول غير القطريين على نسب من الأرباح بما يجاوز النسب المنصوص عليها في وثيقة تأسيس الشركة أو نظامها الأساسي. وتبرز أهمية هذه الإضافة في منع الشركاء غير القطريين من الحصول على نسب من الأرباح زائدة عن النسب الواردة في وثيقة التأسيس للشركات القطرية ذات الصلة، وهو الأمر الذي يلجأ إليه بعض الشركاء غير القطريين للتقليل من مقدار الضريبة المستحقة على أرباحهم من الشركات القطرية، حيث أن القانون يعفي الشركاء القطريين من الضريبة على الأرباح.
أما المادة 3 فقد نصت على أنه يحظر على أي شخص التستر على غير القطري بتمكينه من ممارسة نشاط تجاري أو اقتصادي أو مهني أو الاستثمار فيه بالمخالفة لقوانين الدولة سواء عن طريق السماح له باستعمال اسم المتستر أو رخصته أو سجله التجاري أو المهني، أو بأي طريقة أخرى تمكنه من التهرب من الالتزامات المترتبة عليه بموجب القانون، وسواء تم ذلك لحساب المتستر عليه أو لحساب المتستر أو الغير. وقد ورد ذات النص في القانون السابق وعليه فإنه لا يحق لغير القطريين ممارسة أي أعمال ذات طبيعة تجارية أو اقتصادية في دولة قطر دون تسجيل لممارسة تلك الأعمال.
كما تم توسيع اختصاصات لجنة مكافحة التستر بموجب القانون الجديد والتي اشتملت على تلقي البلاغات المتعلقة بمخالفة أحكام القانون، ووضع خطط وبرامج مكافحة التستر ومتابعة تنفيذها. كما تختص اللجنة أيضاً بالتنسيق مع الجهات المختصة لإنفاذ أحكام القانون. وكذلك يحق للّجنة طلب المعلومات من الجهات ذات العلاقة. ويلاحظ هنا أن المشرع قد توسع في منح الاختصاصات وصلاحيات اللجنة وذلك مما يعكس الجدية في مكافحة ومنع جريمة التستر.
ومن أبرز التعديلات التي طرأت على القانون الجديد تلك الواردة في المادة 6 منه والتي تفيد بوجود تعاون بين مصرف قطر المركزي واللجنة من حيث قيام المصرف بموافاة اللجنة ببيان عن الأشخاص الذين يقومون بمعاملات مالية تحمل على الاعتقاد بوجود جريمة تستر والتي ترد للمصرف من قبل المؤسسات المالية في قطر. وعليه نجد بأن المشرع قد شدد الرقابة على المعاملات المالية التي تثير الشبهات بوجود جريمة تستر وذلك في سبيل مكافحة التستر ومنع الجريمة. وفي حال تبين لدى المؤسسات المالية وجود أي عمليات مالية تثير الشكوك بوجود جريمة التستر يتم الإبلاغ عنها والتحقيق فيها للتثبت من وجود جريمة التستر.
وقد فرض القانون الجديد على أي شخص يعلم بحكم وظيفته أو عمله بوقوع جريمة تستر واجب إبلاغ اللجنة بما لديه من معلومات. ولضبط عملية الإبلاغ عن وقوع مخالفات متعلقة بجريمة التستر، فقد فرض القانون غرامة مالية تصل إلى 100,000 ريال قطري على كل شخص يبلغ بسوء نية عن واقعة غير صحيحة بوجود مخالفة لأحكام القانون. وقد فرض القانون ذات العقوبة على أي شخص لم يقم بإبلاغ الجهات المختصة فور علمه بوجود مخالفة لأحكام قانون التستر. وتبرز خطورة هذا النص أن العقوبة قد تشمل أشخاص على إطلاع بعمليات متعلقة بجريمة التستر كالمحامين ومدققي الحسابات وغيرهم، حتى لا يكون هناك تعاون من قبل هؤلاء الأشخاص مع المخالفين.
وقد تمت زيادة مدة الحبس بموجب القانون الجديد لكل من خالف أحكام قانون التستر إلى سنتين، مقارنة بسنة واحدة في القانون السابق، والإبقاء على الحد الأقصى للغرامة بواقع 500,000 ألف ريال قطري. وقد أضاف القانون الجديد بأن الغرامة قد تتعدد بتعدد الأشخاص المخالفين أو المحال أو المنشآت.
كذلك منح القانون الجديد الصلاحية للمحاكم للقضاء بمصادرة المال محل الجريمة أو المتحصل منها، وإبعاد غير المواطن عن الدولة بعد تنفيذ العقوبة، ومنع المخالف من مزاولة النشاط لمدة لا تتجاوز 3 سنوات، مع الحق في نشر منطوق الحكم الصادر في حق المخالف على نفقة المحكوم عليه في الصحف المحلية أو بالوسائل الإلكترونية.
وقد نص القانون الجديد صراحة على أن المسؤول عن الإدارة الفعلية للشخص المعنوي سيعاقب بذات العقوبة المشار إليها أعلاه، وذلك في حال ثبت علمه بالجريمة أو أسهم في وقوعها بسبب تقصيره في الإدارة. وبالإضافة للغرامة التي يتم فرضها على الشركات المخالفة لقانون مكافحة التستر، نص القانون على إمكانية ملاحقة الشخص الطبيعي التابع للشركة جنائياً.
وقد أعفى القانون الجديد من العقوبة أي شخص بادر إلى إبلاغ السلطات المختصة عن وقوع أي جريمة متعلقة بالتستر بشرط أن يتم الإبلاغ قبل كشف السلطات لها. أما في حال تم الإبلاغ بعد كشف السلطات للجريمة، فإن الحق في وقف تنفيذ العقوبة يكون ملكاً فقط للمحكمة المختصة وذلك بشرط أن يؤدي الإبلاغ إلى ضبط باقي الجناة أو وسائط أو متحصلات الجريمة. إلا أنه في جميع الأحوال تقوم الجهات المختصة بمصادرة متحصلات الجريمة أو وسائطها.
كذلك، ألزم القانون الجديد المتستر والمتستر عليه بالتضامن بسداد جميع الرسوم والضرائب وأي التزامات أخرى تكون ناتجة عن ممارسة النشاط المخالف.
وقد أبقى القانون الجديد على صلاحيات الذين تصدر بتخويلهم صفة مأموري الضبط القضائي والتي تشمل الحق في دخول مقار الشركات والمنشآت والمكاتب وذلك للاطلاع على الدفاتر والمستندات وغيرها وأجهزة الحاسب أو أي وسيلة تستخدم لتخزين المعلومات، وكذلك صلاحية التحفظ على أي مستندات أو الحصول على نسخة منها في حال توفر دلائل على وجود جريمة تستر.
كما منح القانون الجديد الوزير أو من يفوضه صلاحية التصالح في الجرائم الواردة في القانون وذلك قبل الفصل فيها بحكم نهائي بشرط سداد نصف الحد الأقصى للغرامة. كما منح القانون الوزير أو من يفوضه الحق بالموافقة على توفيق أوضاع المشروع محل التستر وعلى النفقة الخاصة للمخالف.