INSIGHTS
تعليق على حكم محكمة التمييز القطرية في الطعن رقم 276 /2021 والمتضمن إرساء مبدأ قضائي يتعلق بمدة الطعن بالاستئناف على الحكم الصادر في التظلم من أمر على عريضة
March 30, 2022

كتابة:أحمد عبدالغني طاهر ، محام أول .
من المعلوم أن مواعيد الطعن في الأحكام هيَ مسألة في غاية الأهمية، باعتبارها من أصول نظام التقاضي واجراءاته التي تتعلق بالنظام العام، وهيَ مسألة أولية يجب مُراعاتها حتى لا يسقط الحق في الطعن، بما يؤدي بالتبعية إلى عدم إمكانية النظر في موضوع وأسباب الطعن ذاته. وفي هذا المعني، تقول محكمة التمييز:
(“المقرر أن القواعد الخاصة بأصول نظام التقاضي وإجراءاته إنما تتعلق جميعها بالنظام العام، الذي يوجب على محكمة التمييز أن تتأكد من مراعاتها … “)[1].
وتقول محكمة النقض المصرية:
(“من المقرر في قضاء محكمة النقض أن المواعيد المحددة في القانون للطعن في الأحكام هيَ من النظام العام فإذا انقضت سقط الحق في الطعن ويجب على المحكمة أن تقضى بذلك من تلقاء نفسها ولو لم يكن مثار نزاع بين الخصوم”).[2]
ولذلك، فإنه مِن الأهمية بمكان، مراعاة مواعيد الطعن في الأحكام، حيث تختلف مواعيد الطعن باختلاف المحكمة مُصدِرة الحكم، وكذلك باختلاف طبيعة الدعوى الصادر فيها الحكم، وفق ما ينظمه المشرع.
وتأتي أهمية الحكم الصادر في الطعن محل التعليق،
في كونه قد حسَم مسألة كانت دائمًا محل اختلاف، ويثور بشأنها بعض الغموض، وهي تلك المتعلقة بميعاد الطعن بالاستئناف على الحكم الصادر من محكمة أول درجة في تظلم من قرار قاضي الأمور الوقتية في أمر على عريضة، وهل يندرج الميعاد ضمن ما قررته الفقرة الأولى من المادة (164) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، أم تحكمه الفقرة الثانية من المادة ذاتها. وبعبارة أخرى، يكون التساؤل، هل الحكم الصادر من محكمة أول درجة بشأن تظلم من قرار قاضي الأمور الوقتية في أمر على عريضة، هل هو حكم موضوعي يخضع للقاعدة العامة في ميعاد الطعن، أم إنه حكم صادر في مسألة مستعجلة ويخضع للاستثناء الخاص بالطعن في هذه المسائل؟
ذلك أن الحكم الموضوعي، ووفق الفقرة الأولى من المادة المذكورة، يكون استئنافه أمام محكمة الاستئناف خلال ميعاد (30) يوم، في حين أن الحكم المستعجل، يكون ميعاد استئنافه (20) يوم، وفق حكم الفقرة الثانية من المادة (164) مرافعات، حيث تنص المادة المذكورة، على:
(“ميعاد الاستئناف ثلاثون يوما ما لم ينص القانون على غير ذلك.
ويكون ميعاد الاستئناف عشرين يوما في المسائل المستعجلة ما لم ينص القانون على غير ذلك.”)
وحيث كانت الطاعنة بالطعن الصادر فيه الحكم محل التعليق، كانت قد تقدمت بطلب إلى قاضي الأمور الوقتية، بموجب عريضة، وطلبت إصدار الأمر على العريضة بوقف تسييل ضمان بنكي كانت قد قدمته للمطعون ضدها، وشرعت الأخيرة في تسييله بدون وجه حق، وبالمخالفة لأحكام العقد بينهما، وقد أسسَت الطاعنة طلبها على أسباب جدية ليس محلها في هذا التعليق، وذلك وفق القانون.[3]
صدر للطالبة “الطاعنة” الأمر من القاضي المختص بإجابة طلبها، وبادَرت المطعون ضدها بالتظلم من هذا الأمر أمام المحكمة المدنية الكلية، وفقاً للقانون[4]، وطلبت قبول تظلمها شكلاً، وفي موضوع التظلم، بإلغاء الأمر على عريضة المتظلم منه واعتباره كأن لم يكن وإلغاء كافة آثاره. وتم نظر التظلم أمام المحكمة الابتدائية وصدر الحكم فيه حضورياً برفض التظلم وتأييد الأمر على عريضة.
بعد صدور حكم محكمة أول درجة برفض التظلم، طعنت المتظلم ضدها على هذا الحكم أمام محكمة الاستئناف، وكان طعنها بالاستئناف قد أُقيم بعد أكثر من (20) يوم من تاريخ صدور الحكم حضورياً في التظلم وخلال مدة الـ (30) يوم.
هنا تمسَّكت الطاعنة الصادر لصالحها الأمر على عريضة، بسقوط حق المستأنفة في الاستئناف لقيده بعد الميعاد المقرر قانوناً، وفق الفقرة الثانية من المادة (164) من قانون المرافعات المُشار إليها أعلاه، في حين تمسَّكت المطعون ضدها بعدم سقوط حقها في الاستئناف وبأن استئنافها قُيد في الميعاد على سند من الفقرة الأولى من المادة ذاتها.
وبعد سجال قضائي أمام محكمة الاستئناف اعتصمت خلاله الطاعنة بدفعها بسقوط حق المستأنفة “المطعون ضدها” في الاستئناف لقيد استئنافها بعد الميعاد، مُدللة على ذلك بأن الحكم الصادر في تظلم من أمر على عريضة لا يعدو كونه حكم من الأحكام المستعجلة التي يكون استئنافها خلال (20) وفق الفقرة الثانية من المادة المذكورة وليس الفقرة الأولى منها.
رفضت محكمة الاستئناف الدفع المُقدم من المستأنف ضدها “الطاعنة” وقالت في حُكمها، إنه ولئن كان الحكم الصادر في التظلم هو حكم وقتي إلا إنه ليس من الأحكام المستعجلة واعتبرت إنه يسري عليه ما يسري على الأحكام الموضوعية من حكم بشأن ميعاد الطعن ويكون استئنافه خلال ميعاد (30) يوم من صدور الحكم. ولذلك قبلت محكمة الاستئناف استئناف المطعون ضدها شكلاً، وأصدرت حكمها في الموضوع، بإلغاء الحكم المستأنف، وبإلغاء الأمر على عريضة واعتباره كأن لم يكن.
طعنت الشركة الطاعنة على حكم محكمة الاستئناف بالطعن محل التعليق رقم 276/2021 تمييز مدني، ونَعت على الحكم مخالفته لصحيح القانون والخطأ في تطبيقه، ذلك أن الدعوى الصادر فيها حكم أول درجة تُعد من المسائل المستعجلة باعتبارها تظلماً من أمر على عريضة صادر من قاضي الأمور الوقتية، ولذلك يكون ميعاد استئنافها (20) يوم وليس (30) يوم، وقد أُقيم الاستئناف بعد الميعاد بما يعني سقوط الحق فيه بفوات ميعاد الـ 20 يوم إلا أن محكمة الاستئناف رفضت هذا الدفع الجوهري وقبلت الاستئناف شكلاً، بما يجعل من حُكمها معيبًا ومُستوجِب تمييزه.
عُرِض الطعن على محكمة التمييز في غرفة المشورة ورأت إنه جدير بنظره وحددت له جلسة، وأصدرت حكمها بتمييز الحكم المطعون فيه، وتَصدَت للموضوع، وقضت بسقوط الحق في الاستئناف لقيده بعد الميعاد.
وقالت محكمة التمييز، إن نعي الطاعنة في محله، وأن النص في المادة (141) من قانون المرافعات والمادة (144) من القانون ذاته، والسابق الإشارة إليهما، يدل على إنه إذا انصَّب الأمر على عريضة الصادر من قاضي الأمور الوقتية على اتخاذ أو وقف إجراءات وقتية أو تحفظية يُخشى عليها من فوات الوقت، ودون الاستطالة إلى المساس بأصل الحق، فإن الأمر على هذا النحو يدخل في عداد المسائل المستعجلة، والتي نظَّم القانون للتظلم منها ميعادًا استثنائيًا قصره على سبعة أيام، وقررت المحكمة أن أثر ذلك ينسحب على نظر المحكمة للتظلم من الأمر على عريضة، باعتباره لا يعدو أن يكون دعوى وقتية ينتهي أثرها بصدور الحكم في الدعوى الموضوعية ولا يُقيد الحكم الصادر فيه محكمة الموضوع، إذ يقتصر الحكم في التظلم على تأييد أو تعديل أو إلغاء الأمر، دون أن يتطرق إلى أصل الحق أو يَمَس به، فيضحى الحكم صادرًا في مسألة مستعجلة وفقًا لما تعنيه الفقرة الثانية دون الفقرة الأولى من المادة (164) من قانون المرافعات، بما يعني أن استئناف الحكم يجب أن يكون خلال ميعاد (20) يوم من تاريخ صدوره.
وقالت المحكمة إن الثابت من الأوراق أن حكم محكمة الاستئناف قد خالَف هذا النظر، وحسب ميعاد الاستئناف على أساس (30) يوم رغم أن الحكم في التظلم من الأمر على عريضة والذي اقتصر على إجراء وقتي ودون المساس بأصل الحق يُعَد من المسائل المستعجلة التي تستأنف خلال (20) يوم، بما يكون معه الحكم المطعون فيه قد خالَف القانون بما يُوجِب تمييزه.
وتَصدَت المحكمة للفصل في الموضوع باعتباره صالحًا للفصل فيه، حيث قضت بسقوط حق المستأنفة “المطعون ضدها” في الاستئناف، وذلك لقيده بعد الميعاد المُقرر قانونًا وألزمتها المصاريف.
وبهذا الحكم، أكَدَّت محكمة التمييز وأرست مبدأ واضح بشأن طبيعة الحكم الصادر في تظلم من أمر على عريضة باعتباره حكمًا صادرًا في مسألة من المسائل المستعجلة، بما يستتبعه ذلك من قصر الطعن فيها بالاستئناف على ميعاد (20) يوم، وفق صحيح القانون.
[1] – حكم محكمة التمييز – الدوائر المجتمعة – الطعن رقم 69 لسنة 2006 تمييز مدني – جلسة 10 مايو 2007.
[2] – محكمة النقض المصرية – الطعن رقم ١٥٣٨١ لسنة ٨٥ قضائية – الدوائر المدنية – جلسة 20/12/2016.
[3] – تنص المادة 141 من قانون المرافعات المدنية والتجارية على أن:
(“في الأحوال التي يكون فيها للخصم وجه في استصدار أمر، يقدم عريضة بطلبه إلى قاضي الأمور الوقتية بالمحكمة المختصة. وتكون هذه العريضة من نسختين متطابقتين وتشتمل على وقائع الطلب وأسانيده، وتشفع بها المستندات المؤيدة لها.”)
[4] – تنص المادة 144 من قانون المرافعات المدنية والتجارية على أن:
(“للطالب إذا صدر الأمر برفض طلبه، ولمن صدر عليه الأمر، الحق في التظلم إلى المحكمة المختصة إلا إذا نص القانون على خلاف ذلك، ويرفع التظلم في خلال سبعة أيام من تاريخ صدور الأمر، ما لم يكن المتظلم هو من صدر عليه الأمر، فيرفع خلال سبعة أيام من تاريخ إعلانه به. ويجب أن يكون التظلم مسببا وإلا كان باطلا. ويكون التظلم بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى أمام المحكمة، وتحكم فيه بتأييد الأمر أو بتعديله أو بإلغائه، ويكون حكمها قابلا للطعن بطرق الطعن المعتادة.”)