INSIGHTS

تنفيذ الأحكام والأوامر الصادرة في بلد أجنبي في قطر تعليق على حكم محكمة التمييز القطرية الصادر بتاريخ 18/1/2022 في الطعن رقم 681/2021 تمييز مدني

May 31, 2022

كتابة: عماد يوسف ، محام أول.

يتعلق الحكم محل التعقيب بموضوع تنفيذ حكم أجنبي، صادر من محكمة العدل العليا – محاكم الأعمال والممتلكات في مدينة مانشستر، في دولة قطر. وفيما يلي نستعرض وقائع النزاع والأحكام الصادرة أمام محكمتي أول درجة والاستئناف وصولًا إلى الحكم محل التعليق.

أقامت الطاعنة الدعوى أمام محكمة أول درجة ضد المطعون ضدهما بطلب الحكم بالأمر بتنفيذ حكم أجنبي صادر عن محكمة العدل العليا، محاكم الأعمال والممتلكات في مدينة مانشستر البريطانية والأمر القضائي الصادر باعتماده والقاضي بإلزام المدعى عليهما (المطعون ضدهما) بسداد مبلغ إجمالي يقدر بستة مليارات دولار أمريكي. وتداولت الدعوى بالجلسات أمام محكمة أول درجة والتي قضت بتاريخ 28/4/2022 الأمر بتنفيذ الحكم الأجنبي.

طعن المدعى عليهما على الحكم المتقدم بالاستئناف وطلبا إلغاء الحكم المستأنف سالف الذكر تأسيسًا على أن الحكم المستأنف خالف القواعد المتعلقة بتذييل الحكم الأجنبي بالصيغة التنفيذية، لكون الحكم الأجنبي لم يكن مرفقًا بالملف بما لم تتمكن معه المحكمة من الاطلاع عليه وإجراء ما لها من رقابة عليه، وأن الحكم لم يصدر في الموضوع وإنما هو أمر صادر بالسماح بتنفيذ هذا الحكم الصادر في المنازعة من طرف المحاكم البريطانية، وأن الأمر الصادر أشار إلى الحكم الموضوعي الصادر القاضي بإلزام المستأنف الأول بمبلغ أربعة مليارات دولار أمريكي مع الفائدة وأنه غير مرفق بالأوراق.

وتداول الاستئناف بالجلسات وبجلسة 14/7/2021 قضت محكمة الاستئناف بقبول الاستئناف شكلًا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددًا برفض الطلب بحالته، تأسيسًا على ما ورد بحيثيات الحكم من أن المحكمة لم تقف على وجود اتفاقية بين دولة قطر وبريطانيا بشأن تنفيذ الأحكام القضائية الأجنبية ولم تُقدم المستأنف ضدها الدليل على وجودها أو أن بريطانيا تقبل تنفيذ أحكام المحاكم القطرية على ترابها وهذه الأخيرة واقعة مادية يتوجب على الخصوم إقامة الدليل عليها، وأن أوراق الدعوى خلت مما يؤكد أن المحاكم البريطانية تعترف بالأحكام القطرية وتنفيذها داخل بريطانيا بناء على تشريعها الداخلي. وإعمالًا لشرط المعاملة بالمثل وفقًا لما نصت عليه المواد 379 و380 مرافعات، فقد انتفى الشرط الذي يتطلبه القانون للأمر بتنفيذ الأحكام والأوامر الأجنبية على إقليم الدولة. وقالت المحكمة أن الحكم المستأنف أقام قضاؤه بتذييل الحكم الأجنبي بالصيغة التنفيذية بناء على توفر كافة شروطه ومن بينها شرط المعاملة بالمثل، وبالتالي فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، ومن ثم، ودون الحاجة للبحث عن توفر الشروط الأخرى، انتهت المحكمة إلى إلغاء حكم محكمة أول درجة والقضاء مجددًا برفض الطلب بحالته.

لم ترتض الطاعنة الحكم سالف الذكر فطعنت عليه أمام محكمة التمييز بالطعن استناداً على أن الحكم قد خالف الثابت بالمستندات مما أدى إلى الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب تأسيسًا على أن الطاعنة قدمت رفق صحيفة افتتاح الدعوى أمام محكمة أول درجة شهادة صادرة من المحكمة التي أصدرت الحكم الأجنبي محل النزاع يستفاد منها توفر مبدأ المعاملة بالمثل، وأن تلك الشهادة تم التصديق عليها من الجهات الرسمية في دولة قطر مما أضفى عليها الصفة الرسمية. وقد جاء في الشهادة المذكورة أنها صادرة بمقتضى كل من القسم رقم 10 من قانون إنفاذ العدالة لعام 1920 والقسم رقم 10 من قانون الأحكام القضائية الأجنبية (المعاملة بالمثل) لعام 1933.

وكذلك نعت الطاعنة على الحكم مخالفة الاتجاهات الفقهية والتطبيقات القضائية الحديثة التي تقرر بتوافر مبدأ المعاملة بالمثل طالما أن النظام القانوني للدولة يسمح بتنفيذ الأحكام الأجنبية فيها، وأن الحكم الابتدائي المُلغى بموجب الحكم الاستئنافي المطعون فيه، قد فطن إلى ذلك، حيث استنبط من الأوراق المقدمة أمام محكمة أول درجة أنّ بريطانيا تسمح، من حيث المبدأ، بتنفيذ الأحكام الأجنبية على أراضيها. وقد تم التدليل على ذلك بوجود قانون خاص يحدد إجراءات تنفيذ الأحكام الأجنبية. كما تمسكت الطاعنة بمخالفة الحكم الاستئنافي للقانون والخطأ في تطبيقه لتوفر كافة الشروط الواجبة لتنفيذ الحكم الأجنبي كما هي ثابتة بالمادتين 379 و380 مرافعات.[1]

عرض الطعن على محكمة التمييز في غرفة المشورة، ورأت أنه جدير بالنظر، وحددت جلسة 18/01/2022 لنظره، وفيها أصدرت حكمها برفض الطعن تأسيسًا على ما يلي:

1- عدم تقديم الطاعنة الحكم القاضي بمبلغ الأربعة مليارات دولار أمريكي أساس الفوائد، حيث أن الشركة الطاعنة طالبت بتنفيذ الحكم الأجنبي بسداد مبلغ حوالي ستة مليارات دولار أمريكي، والذي يتضمن الفوائد، دون تقديم الحكم الذي قضى في الموضوع.

2- عدم تقديم الطاعنة نصوص قانون إنفاذ العدالة لعام 1902 ونصوص قانون الأحكام القضائية الأجنبية (المعاملة بالمثل) لعام 1933 وأن تقديم شهادة التنفيذ المقدمة أمام محكمة أول درجة لا يغني عن تقديم نصوص القانونين سالفي الذكر وغيرهما من القوانين ذات الصلة، بما يفصل الشروط الواجب توافرها لتنفيذ الأحكام والأوامر الأجنبية ببريطانيا لكي تطبق المحكمة مبدأ المعاملة بالمثل والتبادل التشريعي، باعتبار أن الطاعنة هي المكلفة بإثبات دعواها.

وبهذا الحكم أكدت محكمة التمييز على ضرورة توافر الشروط الخاصة بتنفيذ الأحكام الأجنبية والواردة بالمادتين 379 و380 مرافعات، ومنها تقديم صورة الحكم أو الأمر المراد استصدار الأمر بتنفيذه. وكذلك، وفي حال عدم وجود اتفاقية سواء كانت دولية أو ثنائية، فإنه يتوجب تقديم نصوص القوانين التي تفيد وجود تبادل تشريعي ومبدأ المعاملة بالمثل، للوقوف على الشروط الواجب توافرها في تنفيذ حكم أجنبي في الدولة التي يُطلب تنفيذ حكم أجنبي صادر منها، حتى تطبق المحكمة الوطنية مبدأ المعاملة بالمثل.


[1] نصت المادة “379” مرافعات على أن: “الأحكام والأوامر الصادرة في بلد أجنبي يجوز الأمر بتنفيذها في قطر بنفس الشروط المقررة في قانون ذلك البلد لتنفيذ الأحكام والأوامر القطرية فيه. ويطلب الأمر بالتنفيذ بتكليف الخصم الحضور أمام قاضي التنفيذ بالمحكمة الكلية، وذلك بالأوضاع المعتادة لرفع الدعوى”.ونصت المادة “380” مرافعات على أنه: “لا يجوز الأمر بالتنفيذ إلا بعد التحقق مما يأتي:
1- أن محاكم دولة قطر غير مختصة وحدها بالفصل في المنازعة التي صدر فيها الحكم أو الأمر، وأن المحاكم الأجنبية التي أصدرته مختصة بها طبقاً لقواعد الاختصاص القضائي الدولي المقررة في قانونها.
2- أأن الخصوم في الدعوى التي صدر فيها الحكم قد كلفوا الحضور ومثلوا تمثيلاً صحيحاً.
3- أن الحكم أو الأمر حاز قوة الأمر المقضي طبقا لقانون المحكمة التي أصدرته.
4- أن الحكم أو الأمر لا يتعارض مع حكم أو أمر سبق صدوره من محكمة بقطر، وأنه لا يتضمن ما يخالف النظام العام أو الآداب فيها.

Share this news

Join our mailing list

Connect with us

© Copyright 2022 Sultan Al-Abdulla & Partners

error: Content is protected !!