Skip to content Skip to sidebar Skip to footer

اختصاصات وسلطات قاضي التنفيذ في ظل قانون التنفيذ القضائي الجديد رقم 4 لسنة 2024

كتابة: طه راشد – مستشار أول

            ريناد حسيبا – باحث قانوني

جاء إصدار المشرع القطري لقانون التنفيذ القضائي الجديد رقم 4 لسنة 2024 استجابة للتطورات، وما تم إدخاله حديثاً على المنظومة القضائية من تحديث واستخدام لوسائل تكنولوجية متطورة، استوجبت إفراد قواعد خاصة ونصوص فاعلة تتعلق بالإجراءات المنظمة لتنفيذ الأحكام القضائية، بعد إلغاء مواد التنفيذ الضيقة بقواعدها المنصوص عليها سابقاً في قانون المرافعات رقم 13 لسنة 1990، بما يعيد تنظيم إجراءات التنفيذ بطريقة أكثر عمومية وشمولية لتسهيل تنفيذ الأحكام الصادرة من المحاكم، وللحيلولة دون تعرض مصالح المحكوم لهم لعراقيل تعطل استيفاء حقوقهم من المنفذ ضدهم، وسرعة إنهاء الدعاوى التنفيذية، وبما يخفف أعباء محكمة التنفيذ ويحول دون تكدس آلاف الدعاوى التنفيذية لسنوات طويلة جراء تعسف المنفذ ضدهم.

فقد خص قانون التنفيذ الجديد قاضي التنفيذ باختصاصات أساسية هدف من خلالها توفير إشراف قضائي فعال ومتواصل على إجراءات التنفيذ في كل خطوة من خطواته، وعلى القائمين بالتنفيذ في كل تصرف يتخذ من جانبهم، بعد جمع شتات المسائل المتعلقة بالتنفيذ في قانون واحد. ومن أجل ذلك خول المشرع في القانون الجديد قاضي التنفيذ اختصاصات وسلطات واسعة في كل ما يتعلق بالتنفيذ بجميع مراحله فجعله مختصاً دون غيره بإصدار القرارات والأوامر المتعلقة بالتنفيذ وبالفصل في كل المنازعات المتعلقة به سواء أكانت منازعات موضوعية أو وقتية وسواء أكانت من الخصوم أم من الغير كما خوله سلطات قاضي الأمور المستعجلة سابقاً عند فصله في المنازعات الوقتية التي يكون المطلوب فيها إجراءً وقتياً.

ويتمحور هذا المقال حول إيضاح ما أورده القانون الجديد من اختصاصات لقاضي التنفيذ وما استحدثه من تعديلات عن قواعد التنفيذ السابقة في قانون المرافعات رقم 13 لسنة 1990 والتي تم إلغاؤها وإعادة تنظيمها بالقانون الجديد.

اختصاص قاضي التنفيذ بالفصل في كافة المنازعات الموضوعية والوقتية والطلبات المتعلقة بالتنفيذ

أعطى المشرع القطري لقاضي التنفيذ بموجب المادتين رقمي (3) و(34) من القانون الجديد الحق والاستقلالية في الفصل في الطلبات المتعلقة بالسندات التنفيذية أياً كانت نوعها أو قيمتها، حيث ذكر طلبات التنفيذ بصورة عامة غير محددة أو معينة، مما وسع من اختصاص قاضي التنفيذ في الفصل في مختلف الطلبات المعروضة عليه. ومن هذه الحالات ما تضمنته المادة (87) من القانون بشأن فصل القاضي في طلبات الاعتراض على قائمة شروط البيع، وكذلك الوارد بالمادة (97) من القانون التي أشارت إلى فصل قاضي التنفيذ في طلب بطلان إجراءات التنفيذ المقدمة من صاحب الادعاء بملكية العقار.

كما أضاف المشرع المادة (35) من القانون كنص جديد لم يكن موجوداً بقواعد التنفيذ السابقة بقانون المرافعات، نظم من خلاله إجراءات الفصل في الطلبات من قبل قاضي التنفيذ دون عقد جلسة بالمحكمة كأصل عام، وجعل للقاضي جوازياً من تلقاء نفسه أو وفق طلب أحد الخصوم أن يعقد جلسة للنظر في الطلب والبت فيه على أن يتم إعلان الخصوم بالجلسة، مما يعني أن محكمة التنفيذ لها الحق في تحديد جلسات من أجل الفصل في الطلبات إذا رأت أن الطلب يستدعي عقد جلسة بالمحكمة.

كما تعد من اختصاصات قاضي التنفيذ سلطة الفصل في كافة المنازعات الموضوعية والوقتية التي كانت في السابق ومازالت من اختصاصه، إلا أن القانون الجديد قد ألغى من قواعد التنفيذ السابقة ما تضمنته المادة (362) من قانون المرافعات في البند الثاني وصف القاضي بأنه قاضي أمور مستعجلة، حيث أعتبر القانون الجديد أن المنازعات الوقتية أحد الاختصاصات الأساسية والأصيلة الواجبة عليه، فأصبح من غير الداعي ذكر أنه قاضي أمور مستعجلة.

اختصاص قاضي التنفيذ بإصدار الأحكام والقرارات والأوامر اللازمة للتنفيذ

أعطى المشرع لقاضي التنفيذ الحق في إصدار وتنفيذ الأحكام والأوامر والقرارات المتعلقة بإجراءات التنفيذ. وحسناً فعل المشرع القطري بإضافة الأحكام التي أصبحت من اختصاص قاضي التنفيذ، مما يعني أنه صارت لمحكمة التنفيذ السلطة التامة بإصدار وتنفيذ الأحكام والقرارات والأوامر المتعلقة بالتنفيذ.

حيث ورد في متن المادة رقم (5) من القانون الجديد الحق لقاضي التنفيذ بإصدار أمر بالتنفيذ الجبري إذا لم يتم التوصل إلى حلٍ وسطي بين أطراف التداعي. وكذلك في المادة (32) من ذات القانون الحق في إصدار القاضي قرار بإجراء التنفيذ على ورثة مدين المتوفي بناءً على طلب طالب التنفيذ. وأيضاً في تحديد القاضي وفق المادة (47) طريقة تنفيذ الأحكام الصادرة بشأن المحضون. وفي المادة (78) التي تضمنت بدء الحجز على ممتلكات المنفذ ضده من تاريخ إخطار الجهة بالحجز بناءً على أمر من القاضي.

سلطة قاضي التنفيذ في إيقاع الحجز على أموال المنفذ ضدهم

أعطى المشرع الحق للقاضي بعد إعلان المنفذ ضده بأن يصدر أمر بالحجز على أمواله أو ما يعادل قيمة السند التنفيذي وأن يقيم إجراءات البيع عليها ليستوفي مبلغها ويعتبر هذا البند من البنود المستحدثة التي لم يسبق أن تواجدت في قواعد التنفيذ.

فقد نصت المادة (49) على أن يُلزم القاضي الجهات والأشخاص الإفصاح عن أية أموال مملوكة للمنفذ ضده وأن يقوموا بتسليمها للمحكمة. كما نصت المادة (62) أن يصدر القاضي أمراً من تلقاء نفسه أو بناءً على طلب من ذوي الشأن بالحجز على أموال المنفذ ضده المنقولة سواء أكانت بحوزته أو بحوزة الغير. وللقاضي طبقاً للمادة (64) من القانون إصدار إذن إذا تبين وجود دلائل قوية على وجود منقولات ترجع للمنفذ ضده أن يتم تفتيش الأشخاص أو الأماكن للبحث عن تلك المنقولات. كما نصت المادة (73) المقننة حديثاً على قيام القاضي بإصدار أمر للجهة التي تتولى التسجيل بالحجز على المركبات والمنقولات الخاصة للمنفذ ضده ومنعه من التصرف فيها. وأما فيما يتعلق بالأسهم والسندات فإن الأسواق المالية تتولى إجراءات الحجز عليها ومنع المنفذ ضده من التصرف فيها وذلك حسب ما جاء بنص المادة (74) من القانون. وكذلك أشارت المادة (77) المستحدثة والتي ليست لها مادة مقابلة في قواعد التنفيذ السابقة إلى إجازة القاضي من استعلام عن أي عقارات مملوكة للمنفذ ضده أو حائز لها أو منتفع بها قانوناً، وذلك من تلقاء نفسه أو بناءً على طلب ذوي الشأن وأن يصدر أمر بالحجز عليها ومنع التصرف فيها.

سلطة قاضي التنفيذ في إصدار أمر بضبط وإحضار المنفذ ضدهم

أعطى القانون الحق لقاضي التنفيذ سلطة إصدار الأمر بضبط وإحضار المنفذ ضدهم، وفق نص المادة (34) من القانون الجديد، والتي أجازت لقاضي التنفيذ أن يأمر بالاستعانة بالشرطة إذا لزم الأمر لضبط وإحضار المنفذ ضده، مما يسهل عملية تنفيذ الأحكام الصادرة من محكمة التنفيذ.

سلطة إصدار أمر بحظر التعاقد مع المنفذ ضدهم الممتنعين عن التنفيذ

استحدث القانون الجديد بنود جديدة لم تكن في قواعد التنفيذ السابقة بقانون المرافعات، ومنها ما أضافه القانون كأحد اختصاصات قاضي التنفيذ بإصدار الأمر للجهات الحكومية لحظر التعاقد مع المنفذ ضدهم الممتنعين عن تنفيذ الأحكام الصادرة ضدهم. وقد أحسن المشرع بإضافة هذا التحديث، لما في ذلك من حماية للجهات الحكومية من التعاقد مع المتعثرين، ولإعطاء حافز إيجابي للمنفذ ضدهم لتنفيذ ما عليهم من أحكام حتى لا يتم حرمانهم من التعاقد مع الجهات الحكومية.

سلطة قاضي التنفيذ في إصدار أمر بمنع المنفذ ضدهم من السفر خارج البلاد

نظمت المادتان (39) و(40) من القانون الجديد قواعد منع المدين من السفر، بإعطاء الحق لقاضي التنفيذ من تلقاء نفسه أو بناءً على طلب ذوي الشأن أن يصدر أمراً بمنع المنفذ ضده من السفر، إذا وجدت أسباب جدية يُخشى معها فرار المنفذ ضده إلى الخارج وقيامه بتهريب أمواله.

ولم يكتفِ المشرع بتقنين منع سفر الشخص الطبيعي المنفذ ضده، بل أضاف حالة الشخص المعنوي وكيفية توقيع منع سفر ضد ممثل الشخص المعنوي، خشيةً من فرار ممثل المنفذ ضده إلى الخارج وقيامه بتهريب أموال أو موجودات الشخص المعنوي.

سلطة قاضي التنفيذ بحبس المدين

أعاد المشرع تقنين مواد الحبس بصورة تفصيلية بالقانون الجديد عن التي كانت موجودة في قواعد التنفيذ في المواد (515) و(517) من قانون المرافعات، فيما يتعلق باختصاص قاضي التنفيذ بحبس المنفذ ضده. حيث أجازت المادة (42) لقاضي التنفيذ من تلقاء نفسه أو بناءً على طلب ذوي الشأن إذا تبين له أن المنفذ ضده قادر على تنفيذ السند التنفيذي ولم يمتثل لأوامر الوفاء أن يصدر أمراً بحبس المنفذ ضده لمدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر في السنة الواحدة. وفي حال كان المنفذ ضده شخصاً معنوياً يجوز للقاضي أن يأمر بحبس ممثل الشخص المعنوي لتسببه بإعاقة التنفيذ.

وقد أجاز المشرع في الفقرة الثانية من المادة (37) لقاضي التنفيذ أن يلغي أو أن يعدل في الإجراءات التي اتخذها وأصدرها بأن يقبل من المنفذ ضده ما يقدمه من ضمانات أو أعذار.

اختصاص قاضي التنفيذ في تحديد الكفالة وقبولها

أعطى التشريع الجديد لقاضي التنفيذ الاختصاص بتحديد قيمة الكفالة، والتي يقدرها حسب الدعوى المعروضة أمامه. حيث جاء في الفقرة الثانية من المادة رقم (7) المتعلقة بالنفاذ المعجل في المواد التجارية أن يتم تقديم كفالة يقوم قاضي التنفيذ بتحديد قيمتها.

وأيضاً أعطى القانون الاختصاص لقاضي التنفيذ في المادة (43) بقبول أو رفض كفالة يتقدم بها المنفذ ضده سواء قدم كفالة مصرفية أو كفيلاً مقتدراً لكيلا يتم حبس المنفذ ضده.

وتجدر الملاحظة، أن القاضي يجوز له، وفق المادة (12)، في الأحوال التي لا يجوز فيها تنفيذ الحكم أو الأمر إلا بكفالة، أن يقبل بديلاً عن الكفالة، كأن يقدم طالب التنفيذ ضماناً مصرفياً مساوياً لمبلغ الكفالة، أو قبوله إيداع ما يتم تحصيله من التنفيذ خزانة المحكمة، أو تسليم الشيء المأمور بتسليمه في الحكم أو الأمر إلى حارس، أو إيداعه مكاناً آمنًا، وفقاً لما يقرره القاضي.

اختصاص إمهال المنفذ ضده لرفع دعوى موضوعية لإثبات ادعائه

استحدث قانون التنفيذ الجديد المادة رقم (33) والتي تجيز للقاضي أن يمنح المنفذ ضده مهلة لا تتجاوز تسعين يوم عمل لرفع دعوى موضوعية لإثبات ادعائه، يوقف خلالها القاضي إجراءات التنفيذ ضد المنفذ ضده.

اختصاص تعيين المنفذ ضده حارساً على الأشياء وتحديد مواعيد جلسات البيع وحضورها وتأجيلها

نصت المادة (67) من القانون الجديد على اختصاص قاضي التنفيذ بتعيين مثمن في الدعاوى المتعلقة بالمجوهرات وسبائك الذهب والفضة وغيرها. وكذلك نصت المادة (72) على اختصاص تعيين القاضي لحارس على الأشياء المحجوزة إذا احتاج الأمر. ونصت المادة (76) على سلطة قاضي التنفيذ بتعيين أحد المختصين في بيع الأسهم والسندات. ونصت المادة (80) على سلطة قاضي التنفيذ في تعيين حارس على العقار المؤجر، مع إباحة أن يكون الحارس هو المنفذ ضده.

وفقاً للمادتين (84) و(88) يحدد قاضي التنفيذ موعد جلسة البيع بالمزاد العيني لأصول المنفذ ضده، ومعها قائمة شروط البيع. وللقاضي أن يحدد طريقة الإعلان في الصحف اليومية أو الوسائل الالكترونية. وهذه الإضافة الأخيرة بالإشارة إلى الوسائل الالكترونية كانت في محلها، حيث أن الدولة في الفترة الحالية تتجه إلى إدخال الوسائل الالكترونية في منظومة الوسائل المستخدمة في التنفيذ.

وعلى ما تقدم بيانه، فإن قانون التنفيذ الجديد تضمن نقلة نوعية في إجراءات التنفيذ من خلال إعطاء قاضي التنفيذ صلاحيات واسعة لتنفيذ السندات التنفيذية، الأمر الذي يُتوقع معه أن تؤدي النصوص المستحدثة إلى تعجيل إجراءات التنفيذ ومنع تكدس الدعاوى التنفيذية.