Skip to content Skip to sidebar Skip to footer

النفاذ المعجل للأحكام في ضوء قانون التنفيذ القضائي رقم 4 لسنة 2024

كتابة: أنطوان نجم – مستشار أول

            حمد القحطاني – محام

رغم أن القاعدة العامة هي أنه لا يجوز تنفيذ الأحكام جبراً ما دام الطعن فيها بالاستئناف جائزاً، إلا أن المشرع استدرك أنه في بعض المسائل ينبغي عدم انتظار صيرورة الحكم قطعياً حتى يصبح بالإمكان تنفيذه جبراً. ولهذا السبب وضع المشرع استثناء على القاعدة العامة المذكورة أعلاه، يتمثل بالنفاذ المعجل للأحكام سواء المنصوص عليه في القانون أو مأمور به في الحكم. ذلك أن النفاذ المعجل للأحكام القضائية يشكل أحد الأدوات القانونية الهامة التي تسهم في تحقيق العدالة الناجزة ومنع إعاقة تنفيذ الأحكام النهائية.

وقد تناول المشرع مسألة النفاذ المعجل للأحكام القضائية في قانون التنفيذ القضائي رقم 4 لسنة 2024 والذي بموجبه تم إلغاء الكتاب الثالث من قانون المرافعات، والذي سيصبح نافذاً بعد ستة أشهر من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية. ونستعرض فيما يلي مفهوم النفاذ المعجل وأهميته، وفق نصوص قانون التنفيذ القضائي الجديد.

يُعرف النفاذ المعجل للأحكام بأنه الآلية القانونية التي تُمكّن من تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة عن محاكم الدرجة الأولى بطريقة سريعة وفعالة، دون حاجة لانتظار صيرورة الحكم المطلوب تنفيذه قطعياً أو تاماً، حيث أنه في بعض المسائل تفقد الأحكام غايتها فيما لو تم انتظار البت بالنزاع من قبل محاكم الاستئناف. ويهدف النفاذ المعجل إلى تقليص الفجوة بين صدور الحكم القضائي وتنفيذه، ويعتبر جزءًا أساسيًا من نظام العدالة القانوني الشامل خاصة في القضايا التي تتطلب تدخلاً عاجلاً، وخصوصاً في حالات الخوف من تهريب المحكوم عليه لأمواله، واستعجالاً لحصول المحكوم له على الحق الذي حكم له به.

وقد حدد قانون التنفيذ القضائي الجديد في مواده (7-10) الأحكام المتعلقة بالنفاذ المعجل. حيث حصرت المادة (9) منه الحالات التي يجوز الأمر في الحكم بالنفاذ المعجل بكفالة أو بغير كفالة، في الأحوال الآتية:

1- الأحكام الصادرة بأداء النفقات والأجور والمرتبات.
2- إذا صدر الحكم تنفيذاً لحكم سابق حائز لقوة الأمر المقضي أو مشمول بالنفاذ المعجل بغير كفالة أو كان مبنياً على سند رسمي لم يُطعن فيه بالتزوير، وذلك متى كان المحكوم عليه خصماً في الحكم السابق أو طرفاً في السند.
3- إذا أقر المحكوم عليه بنشأة الالتزام.
4- إذا بُني الحكم على سند عرفي لم يجحده المحكوم عليه.
5- إذا صدر الحكم لمصلحة طالب التنفيذ في منازعة تتعلق به.
6- إذا كان يترتب على تأخير التنفيذ ضرر جسيم بمصلحة المحكوم له.

ويتبين من نص المادة (9) أن المشرع لم يعدل من حالات النفاذ المعجل المنصوص عليها في المواد الملغية والمتعلقة بالتنفيذ في قانون المرافعات حيث ظلت كما هي. وهذا يظهر أن المشرع يرى أن النصوص الموجودة سلفاً في قانون المرافعات تحقق توازن بين سرعة التنفيذ وضمان حقوق الأطراف، بما يتماشى مع مبادئ العدالة، كما تحقق ضمانات كافية لحماية حقوق الأطراف والمتمثلة في تقديم المحكوم له لكفالة بنكية حال كان الحكم سند التنفيذ مطعون فيه بطرق الطعن وذلك لدعم التطبيق الفعال للأحكام.

الا أنه من الملاحظ أن قانون التنفيذ الجديد قد أصاف كلمة في عجز نص المادة (8) وهي كلمة “المناسبة” في وصفه للإجراءات التحفظية المسموح بها. ونرى أن إضافة هذه الكلمة جاء متسقاً مع طبيعة وروح القانون الجديد الذي يتميز بأنه يعطي لقاضي التنفيذ سلطات أكبر لتحقيق العدالة والموازنة بين أطراف التداعي.

إلا أننا نرى أن المواد والضوابط التي جاء بها المشرع في هذا القانون، قد تؤثر على مفهوم النفاذ المعجل والغاية منه ومنها على سبيل المثال البند الثالث من المادة (31) والتي تنص على أنه يجب اعذار المحكوم ضده خلال عشرة أيام عمل من الإعلان وهذا يعني أن الغاية من التنفيذ ومباغتة المحكوم ضده والحجز على أملاكه مما يمنعه من التصرف فيها لم تعد متوفرة. كما نرى أن المادة (4) من ذات القانون التي تنص على أن ابلاغ المحكوم ضده أن أمواله سواء ما كان منها تحت يده أو لدى غير ضامنه للتنفيذ من تاريخ إعلانه، وأن إخفائها بقصد التهرب من التنفيذ جريمة يعاقب عليها القانون، قد لا تحقق ضمانات للمنفذ له حيث أن المحكوم ضده قد يكون أجنبي ويقوم بالتصرف في أمواله بسرعة ويعود لبلده أو لبلد اخر، وهذا ما قد يجعل استيفاء المنفذ له لحقه المحكوم به صعباً أو مستحيلًا.

رغم أن قانون التنفيذ الجديد يهدف إلى تحسين وتحديث النظام القانوني للتنفيذ ككل الا أنه لم تطرأ أي تعديلات كبيرة على القانون عما كان عليه قبل ذلك في قانون المرافعات فيما يتعلق بالنفاذ المعجل سوى في المادة (8) حيث تم منح قاضي التنفيذ سلطة في اتخاذ الإجراءات التحفظية المناسبة، كما أن نجاح هذه النصوص يعتمد على التطبيق العملي، الذي يجب أن يكون متسمًا بالفعالية ومتماشياً مع التطور الواضح الذي جاء في القانون.