كتابة: ريدا حلاوي – مستشار
عبد الرحمن محمد – مساعد قانوني
من المعلوم، أن القاعدة الأساسية لتنفيذ أحكام التحكيم المحلية والأجنبية في دولة قطر هي إمكانية تقديم طلب تنفيذ الأحكام أمام المحكمة المختصة بعد إنقضاء مهلة الطعن أو صدور حكم في الطعن، وذلك إستناداً إلى أحكام القانون رقم 2 لسنة 2017 بإصدار قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية. إلا أن المشرع كان قد نصّ أيضاً في قانون المرافعات المدنية والتجارية رقم 13 لسنة 1990 في الكتاب الثالث منه، وخاصةً في المادة 389 وما يليها، على كيفية تنفيذ السندات الرسمية، ومنها الأحكام المحليّة والأجنبية، مما أدى عملياً إلى خلق إزدواجية في الإجراءات التي يمكن للمحاكم إتباعها لتنفيذ أحكام التحكيم عموماً وخصوصاً الأجنبية منها.
وحيث صدر قانون التنفيذ القضائي رقم 4 لسنة 2024 مؤخراً، والذي ألغى الكتاب الثالث من قانون المرافعات سالف الذكر، فقد قام المشرع بتنظيم مسألة تنفيذ أحكام التحكيم في القانون الجديد. ونستعرض فيما يلي الإجراءات الواجب إتباعها أمام المحاكم القطرية لتنفيذ أحكام التحكيم إستناداً إلى ما نصّ عليه قانون التنفيذ القضائي الجديد والذي سيدخل حيز التطبيق بعد إنقضاء ستة أشهر على تاريخ نشره في الجريدة الرسمية.
فقد تناولت المواد 17 إلى 20 من قانون التنفيذ القضائي الجديد الشروط الواجب توافرها والإجراءات واجبة الإتباع لتقديم وقبول طلبات تنفيذ أحكام التحكيم أمام محكمة التنفيذ القطرية، بما يتفق مع ما نصّت عليه المواد 33 و34 و35 من قانون التحكيم.
حيث نصّت المادة 17 من قانون التنفيذ القضائي على ضرورة توافر شرط إنقضاء ميعاد رفع دعوى بطلان حكم التحكيم المحدد بثلاثين يوماً من تاريخ تسليم الأطراف نسخة الحكم أو من تاريخ إعلان طالب الإبطال بحكم التحكيم أو صدور قرار التصحيح أو حكم التفسير أو التحكيم الإضافي، إن وجد، وذلك بما يتسق مع ورد في الفقرة الرابعة من المادة 33 من قانون التحكيم. ونستنتجمن ذلك أن على محكمة التنفيذ رفض طلب تنفيذ حكم تحكيم، المقدم من صاحب الصفة، إذا قُدّم قبل إنقضاء ميعاد رفع دعوى البطلان. بالتالي، يكون هذا الشرط شرطاً جوهرياً لقبول طلبات تنفيذ أحكام التحكيم أمام محكمة التنفيذ.
وبالنظر في أحكام الفقرة الثانية من المادة 34 من قانون التحكيم التي تنص على الشروط الأخرى الواجب توافرها لقبول طلب تنفيذ الحكم التحكيمي، فإنه يجب تقديم الطلب كتابةً إلى القاضي المختص، مرفقاً به صورة من اتفاق التحكيم، وأصل الحكم أو صورة موقعة منه باللغة التي صدر بها. وإذا كان حكم التحكيم صادراً بلغة أجنبية، يجب بالإضافة إلى الشروط سالفة الذكر، إرفاق ترجمة الحكم إلى اللغة العربية من جهة معتمدة. كما نصّت المادة 19 من قانون التنفيذ القضائي على شرط أخير بأن يكون حكم التحكيم صادراً في مسألة يجوز التحكيم فيها.
وبالنسبة للإجراءات واجبة الإتباع لتنفيذ أحكام التحكيم أمام محكمة التنفيذ، نصّت المادة 18 من قانون التنفيذ القضائي على أن المبدأ يكمن في عدم جواز رفض تنفيذ أحكام التحكيم بصرف النظر عن الدولة التي صدرت فيها، وذلك بالموافقة لما جاء في نصّ المادة 35 من قانون التحكيم، بأنه لا يجوز رفض الاعتراف بأي حكم تحكيم أو رفض تنفيذه، إلا في حالتين محددتين.
والحالة الأولى تكون بناءً على طلب الطرف المطلوب تنفيذ الحكم ضده، إذا قدم هذا الطرف إلى القاضي المختص، دليلاً يثبت إحدى العيوب التالية: (1) أن أحد أطراف اتفاق التحكيم وقت إبرامه كان فاقداً للأهلية أو ناقصها وفقاً للقانون الذي يحكم أهليته، أو أن اتفاق التحكيم غير صحيح، أو (2) أن الطرف المطلوب تنفيذ الحكم ضده لم يعلن إعلاناً صحيحاً بتعيين أحد المحكمين أو بإجراءات التحكيم، أو تعذر عليه تقديم دفاعه لأي سبب آخر خارج عن إرادته، أو (3) أن حكم التحكيم قد فصل في أمور لا يشملها اتفاق التحكيم، أو جاوز حدود هذا الاتفاق، أو (4) أن تشكيل هيئة التحكيم أو تعيين المحكمين أو أي إجراء من إجراءات التحكيم، قد تم بالمخالفة للقانون أو لاتفاق الأطراف، أو (5) أن حكم التحكيم لم يعد ملزماً للأطراف، أو قد تم إبطاله أو إيقاف تنفيذه من قبل إحدى محاكم الدولة التي صدر فيها ذلك الحكم أو وفقاً لقانونها.
أما الحالة الثانية، فتكون بناءً على قرار القاضي المختص من تلقاء نفسه، إذا كان موضوع النزاع مما لا يجوز الاتفاق على الفصل فيه عن طريق التحكيم وفقاً لقانون دولة قطر، او إذا كان الاعتراف بالحكم أو تنفيذه يتعارض مع النظام العام لدولة قطر. ومن جهة أخرى، أكد المشرّع القطري في المادة 18 سالفة الذكر، على الإستثنائين المنصوص عليهما في الفقرتين الأولى والثانية من المادة 35 من قانون التحكيم، كحالتين يجوز بناءً على إحداهما، أن تقرر محكمة التنفيذ رفض تنفيذ حكم التحكيم.
ونظراً لأن مسألة التظلّم لم تكن منظّمة في قانون المرافعات، فقد نصّ المشرع في المادة 20 من قانون التنفيذ القضائي على جواز التظلّم من الأمر الصادر برفض تنفيذ حكم التحكيم، حيث أجاز للقاضي المختص رفض تنفيذ حكم التحكيم إذا ما توافرت فيه إحدى الشروط المنصوص عليها في المادة 35 من قانون التحكيم المنوه عنها أعلاه، وأعطى لصاحب الشأن فرصة للتظلّم من الأمر الصادر برفض تنفيذ الحكم خلال ثلاثين يوماً من تاريخ صدور الأمر بالرفض.
وفي الختام، فقد شمل المشرع القطري بموجب قانون التنفيذ القضائي الجديد جميع المسائل المتعلّقة بتنفيذ أحكام التحكيم في دولة قطر، حيث نصّ بشكل أوضح (مقارنةً بمواد قانون المرافعات التي ألغاها) على الشروط الواجب توافرها في أحكام التحكيم لتكون قابلة للتنفيذ في دولة قطر من جهة، وكذلك على الإجراءات الواجبة الإتباع أمام محكمة التنفيذ من جهة أخرى.