Skip to content Skip to sidebar Skip to footer

تدابير جديدة لمكافحة الإغراق التجاري في قطر

كتابة: مايكل ايرلي – مدير قانوني

كجزء من الجهود التي تبذلها وزارة التجارة والصناعة القطرية لضمان القدرة التنافسية للمنتجات الوطنية، قامت وزارة التجارة والصناعة مؤخراً بفرض رسوم لمكافحة الإغراق على واردات بطاريات السيارات من جمهورية كوريا الجنوبية وجمهورية الهند. بموجب قرار الوزير رقم 21 لسنة 2024، تم فرض رسوم على بطاريات السيارات التي يتم استيرادها من كوريا الجنوبية والتي تتراوح سعتها من 35 إلى 115 أمبير، وكذلك تم بموجب قرار الوزير رقم 22 لسنة 2024 فرض رسوم على بطاريات السيارات المستوردة من الهند والتي تتراوح سعتها من 32 إلى 225 أمبير.

ورغم أن مسألة فرض رسوم لمكافحة الإغراق قد تكون مثيرة للجدل في بعض الأحيان، إلا أن الدول لها الحق في فرض مثل هذه الرسوم في حالات محددة.

ما هو “الإغراق”؟
في سياق التجارة الدولية، يشير مصطلح “الإغراق” عموماً إلى حالة يقل فيها سعر المنتج المُصَدَّر عن سعره في السوق المحلي حيث يتم انتاجه. وبالرغم من أن الإغراق قد يعود بالفائدة على المستهلك في البلد المستورد، إلا أنه في الواقع العملي قد يُلحق ضرراً بالصناعة الوطنية في الدولة المستوردة حيث يخلق ذلك منافسة غير عادلة بالنسبة للسلع الوطنية التي بدورها لن تتمكن من منافسة الواردات منخفضة السعر التي تدخل السوق المحلي. ولمكافحة مثل هذه الممارسات، يجوز للدول أن تفرض رسوماً على المنتجات التي تستهدف الإغراق لاستعادة توازن الأسعار بين الواردات والمنتجات الوطنية.

اعتبارات منظمة التجارة العالمية
ووفقًا لمنظمة التجارة العالمية، التي تُعد دولة قطر عضواً بها، يجوز للدول أن تعترض على الإغراق في حالة وجود ضرر مادي للصناعة المحلية المنافسة. ولكن يتعين لفرض تدابير لمكافحة الإغراق أن تكون الدول قادرة على اثبات أن الإغراق قد تحقق بالفعل، واحتساب مدى الإغراق (على سبيل المثال، عن طريق مقارنة الأسعار المحلية وأسعار الصادرات)، وإثبات أن الإغراق يسبب ضرراً أو أن هناك تهديداً يجعل الإصابة بالضرر وشيكاً.

وتتناول الاتفاقية بشأن تطبيق المادة السادسة من الاتفاق العام للتعريفات والتجارة 1994 (“اتفاقية مكافحة الإغراق”) على وجه التحديد الأحوال التي يجوز فيها لعضو في منظمة التجارة العالمية (“الدول الأعضاء”) أن يفرض تدابير لمكافحة الإغراق على الواردات محل الإغراق.

وتنص المادة 1 من اتفاقية مكافحة الإغراق على جواز فرض تدابير لمكافحة الإغراق بعد إجراء تحقيق وفقاً للاتفاقية، ويتم فرض رسوم الإغراق بعد التحقق مما يلي:

1- وجود سياسة “إغراق” من السلع المستوردة محل التحقيق.
2- وقوع ضرر مادي (أو احتمالية مرجحة لوقوعه) على الصناعة المحلية التي تنتج منتجات مماثلة للسلع محل الإغراق.
3- وجود علاقة سببية بين اغراق السلع والضرر المادي على الصناعة المحلية.

وتتناول المادة 2 من اتفاقية مكافحة الإغراق الأوجه اللازم التجقق منها لتحديد ما إذ قد كان تم إغراق منتج مستورد، ومن أهمها إجراء مقارنة عادلة بين القيمة العادية للمنتج (أي سعر المنتج المستورد في بلد المنشأ) وسعر التصدير (أي سعر المنتج في الدولة المستوردة).

ولتحديد حدوث ضرر مادي، فيجب على السلطات المختصة النظر بموضوعية في فوارق الكمية والأسعار بين السلع وما يترتب على هذه العوامل من أضرار على الصناعة المحلية. ولاتخاذ اجراء بشأن مكافحة الإغراق، يتوجب على السلطة المختصة في الدولة المستوردة أن تبرهن أن نطاق الإغراق (فرق الأسعار) يفوق الهامش الأدنى de minimis، وأن كمية السلع المستوردة لا يمكن التغاضي عنها، كما يتعين وجود أدلة تثبت أن الإغراق والاضرار المادية مرتبطان ارتباطًا مباشرًا.

إضافة لما تقدم، تنص اتفاقية مكافحة الإغراق على الإجراءات الواجب اتخاذها فيما يتعلق بمنازعات مكافحة الإغراق، ووسائل إجراء التحقيقات، والشروط الواجب تحققها بهدف إتاحة الفرصة للأطراف المعنية لتقديم أدلة إلى اللجنة المختصة بممارسات مكافحة الإغراق، وكذلك أثناء إجراءات تسوية المنازعات أمام منظمة التجارة العالمية.

التشريعات الإقليمية
وبالإضافة إلى السلطة الممنوحة للدول الأعضاء من قبل منظمة التجارة العالمية وبموجب اتفاقية مكافحة الإغراق، اعتمدت دولة قطر النظام الموحد لمكافحة الإغراق والتدابير التعويضية والوقائية لدول مجلس التعاون الخليجي بموجب القانون رقم 10 لسنة 2013، الذي ينظم تدابير مكافحة الإغراق التي تتخذها دول مجلس التعاون الخليجي.

التشريعات المحلية
وتخضع مسألة الإغراق للتنظيم في التشريعات القطرية، تحديداً، بموجب القانون رقم 2 لسنة 2019 بشأن دعم تنافسية المنتجات الوطنية ومكافحة الممارسات الضارة بها في التجارة الدولية (“قانون دعم المنتجات الوطنية”)، والذي يأتي مكملاً للقانون رقم 40 لسنة 2002 بشأن إصدار قانون الجمارك، ويمنح صلاحيات لوزير التجارة والصناعة (“الوزير”) في هذا الشأن.

حيث بموجب المادة 3 من قانون دعم المنتجات الوطنية، تم انشاء لجنة دعم تنافسية المنتجات الوطنية ومكافحة الممارسات الضارة بها في التجارة الدولية (“اللجنة”) بوزارة التجارة والصناعة. ووفقاً للقانون، يجوز لمُصَنعي المنتجات الوطنية تقديم الشكاوى المتعلقة بالإغراق أو غيره من الممارسات التجارية الغير العادلة إلى وزارة التجارة والصناعة لتستعرضها اللجنة، الأمر الذي يتوافق مع الإجراء المنصوص عليه في المادة 5.2 من اتفاقية مكافحة الإغراق. بالإضافة لذلك، يجوز للجنة، بعد الحصول على موافقة الوزير، اجراء تحقيق دون تلقي شكوى مسبقة، وهو ما نصت عليه أحكام المادة 5.6 من اتفاقية مكافحة الإغراق.

وعلى غرار اتفاقية مكافحة الإغراق، يشترط قانون دعم المنتجات الوطنية، وقبل فرض تدابير لمكافحة الإغراق اثبات ما يلي:

1- أن المنتجات محل التحقيق استوردت بأسعار يترتب عليها إغراق.
2- وأنها ألحقت ضرراً مادياً بمنتجات وطنية مماثلة، أو هددت بوقوع مثل هذا الضرر.
3- وجود علاقة سببية بين اغراق السلع والضرر المادي المادية.

وفي حالة ثبوت ما رود أعلاه، يجوز للوزير أن يفرض:

1- تدابير لمكافحة الإغراق والتدابير التعويضية المؤقتة.
2- تدابير وقائية مؤقتة على شكل رسوم وقائية مؤقتة ضد الزيادة في الواردات.
3- تدابير مكافحة الإغراق والتدابير التعويضية النهائية، في شكل فرض رسوم، بما لا يتجاوز هامش الإغراق أو مقدار الدعم المحدد نهائياً.
4- تدابير وقائية نهائية ضد الزيادة في الواردات في شكل قيود على الكمية.
5- تدابير مكافحة الإغراق في شكل تعهدات سعرية.

وتأخذ هذه التدابير والرسوم شكل الرسوم الجمركية المطبقة على الواردات و تُفرض إضافةً إلى الرسوم الجمركية الاعتيادية المطبقة على هذه الواردات.

وفيما يتعلق بالإغراق من قبل دولة ليست من الدول الأعضاء، تنص المادة 10 من قانون دعم المنتجات الوطنية على أنه يجوز لمجلس الوزراء، بعد تلقي اقتراح من الوزير وتوصية من اللجنة، باتخاذ أي تدابير ضرورية لدعم القدرة التنافسية للمنتجات الوطنية. وفي هذه الحالة، يمكن تجاوز الشروط والإجراءات المنصوص عليها في اتفاقية مكافحة الإغراق.

ويجوز للأطراف المتضررة من تدابير مكافحة الإغراق التظلم من قرار الوزير في غضون ثلاثين يوماً من تاريخ نشر القرار. ويبت الوزير في التظلم خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تقديمه، ويعتبر مضي هذه المدة دون البت في التظلم رفضاً ضمنياً له.

هذا، وقد تم نشر القرارات الصادرة عن الوزير والمشار إليها في صدر هذه المقالة في الجريدة الرسمية.